2018-04-21

ماذا يحدث لو إنهارت الانترنت


مقدمة:


الانترنت قوية، فهى لا تعتمد على جهاز واحد او كابل واحد. فالانترنت شبكة مكونة من مجموعة من الشبكات. وهى تمتد عبر العالم بأكمله، فوصلاتها تعبر القارات، وتمتد عبر البحار، وتصل لعنان السماء عبر الأقمار الصناعية. وبقدر نمو الانترنت بقدر ما زاد اعتمادنا عليها.

التوصيلات التى تكون شبكة الانترنت هى وصلات مرنة، بمعنى انه عندما تستخدم جهازك للأتصال بجهاز اخر عبر الانترنت، من الممكن للبيانات ان تسلك اى طريق من ملايين الطرق الممتدة عبر الانترنت. وعندما تقوم بتنزيل احدى الملفات من على الانترنت (download) فان الملف يصل لجهازك فى صورة حزم (packets) من البيانات الألكترونية التى تسافر عبر مسارات الانترنت المختلفة حتى تصل لجهازك.


هذه الحزم من البيانات لا تأخذ كلها نفس المسار فالطريق حتى جهازك يتغير باستمرار. ولو كان احدى هذه الطرق مزدحم أو لا يمكن السير فيه، يمكن للبيانات ان تسلك مسار مختلف حتى تصل إلى جهازك. وهذا ما يجعل الانترنت من وسائل الأتصال التى يمكن الأعتماد عليها. فحتى لو إنهار جزء كامل من الانترنت –بفعل الكوارث الطبيعية، او بفعل حرب نووية- فانه يمكن للأجزاء الاخرى من الانترنت أن تعمل بدون انقطاع. فى حين ان البيانات المخزنة على الاجهزة التى ضربتها الكارثة أو الحرب النووية يمكن ان تضيع وتفقد إلا أن الانترنت ستسمر فى العمل.

انه من المستحيل تخيل مجموعة من الظروف السيئة التى تؤدى إلى انهيار الانترنت. ربما يتطلب الامر وقوع تدمير واسع النطاق والذى يكون فقدان الانترنت نهائياً هو احدى اصغر نتائجه. ولكن دعونا نتسأل جدلاً، ماذا يحدث لو إنهارت الانترنت؟ ماذا يمكن ان تكون تأثير انهيار الانترنت علينا؟ هل ستتغير الحياة جذرياً أم سرعان ما سنتجاوز هذا الحدث، ونعود للطرق القديمة فى الأتصالات؟

انهيار الانترنت، ومشاكل الاتصالات:

العالم بدون الانترنت قد يبدوا لنا غريباً الآن. فحسب طبيعة الكارثة، ومدى استخدامك للإنترنت فحتى الخدمات الأساسية قد تصبح عير متاحة –مثل ارسال الرسائل النصية، وخدمات التليفون المحمول. وهذا لأن البنة التحتيه Infrastructure لهذه الخدمات تستخدم البنية التحتية للإنترنت. واذا ما واصلت هذه الفكرة الأفتراضية إلى اقصى مدى لها فربما لا تعمل خطوط التليفون العادية ايضاً وذلك لأنها تشكل ايضاص جزء من البنية التحتية للإنترنت. بعض خدمات الأقمار الصناعية أيضاً قد تصبح غير متاحة مثل برامج التليفزيون.
بالطبع لن نصبح قادرين على الدخول على مواقع الخدمات الأجتماعية مثل فيس بوك، ولن تعمل برامج المحادثه مثل Msn Messenger وبالتالى سنفقد معظم الطرق الحديثة التى اعتدنا عليها للتواصل مع الأصدقاء ولن يصبح أمامنا سوى العودة لكتابة الخطابات وارسالها لأصدقائنا.

تبادل الملفات عبر الانترنت ايضاً لن يصبح ممكنناً، وسيجب عليك ان تقوم بتوصيل الجهازين ببعضهما لنقل الملفات فيما بينهما، أو ان تخزن الملفات على الاقراص الممغنطة. وذلك عوضاً عن ارسال هذه الملفات عبر الانترنت.

التداعيات الأقتصادية لانهيار الانترنت:

لو حدث على سبيل الأفتراض ان إنهارت الانترنت، فان التأثيرات الأقتصادية لذلك ستكون كارثية. ففقد خدمات مثل البنك الألكترونى electronic banking أو الدفع الألكترونى PayPal ستكون من الأشياء المزعجة فعلا. وسمتد التأثير المدمر لأبعد من ذلك.

فكر فى الاعمال التى تعتمد على الانترنت، فكل المواقع ستكون مغلقة. والشركات العملاقة مث جوجل وامازون ستكون من الماضى حينئذ. وشكرات أخرى مثل مايكروسوفت ستضطر غلى اغلاق العديد من اقسامها. حتى الشركات التى تستخدم الانترنت فقط للأغراض الدعائية فستتأثر بشكل كبير.
وعلى هذا ستخرج العديد من الشركات من سوق العمل، وبالتالى سيفقد مئات الآلاف من الموظفين وظائفهم. فشركة مثل جوجل مثلاً تستخدم 20000 موظف حول العالم. وقياساً على هذا سيشهد سوق العمل فياضناً من الباحثين عن الوظائف.

التجارة عبر الانترنت هى من الأعمال الكبيرة، فوفقاً لتقارير مكتب التعداد الأمريكي (census bureau) فان التجارة الألكترونية تمثل 35% من جميع الشحنات فى قطاع الصناعة لعام 2007. ويمثل هذا الرقم حوالى 1.8 تريليون دولار فى هذا القطاع من الصناعة وحدها. وبمقارنة هذا الرقم مع بقية الصناعات فى بقية أنحاء العالم، نعرف مدى حجم التجارة الألكترونية عبر العالم. ويمككنا تقدير حجم الخسارة التى سيتعرض لها العالم فى حالة فقدان الانترنت.

بعض البلدان قد تشعر بتأثير هذه اللدغة بقدر أكبر من البلدان الأخرى. البلدان النامية ستواجه ازمات اقتصادية كبيرة نتيجة لأندثار قطاعات صناعية كثيرة، والعديد من الشركات ستكافح لكى تستمر فى سوق العمل. حتى البلدان التى لا تعتمد على الانترنت كثيراً فى مجالات الصناعة، ستتأثر بشكل أخر نتيجة نقص حجم المعاملات التجارية ونقص الأمدادات والمعونات من الدول الأخرى التى تعتمد عليها.
القليل فقط من الاعمال هى التى لن تتأثر بمثل هذه الكارثة الأفتراضية.


الأزمات السياسية بعد انهيار الانترنت:

التداعيات الأقتصادية لانهيار الانترنت ربما تكون هى الأزمة الرئيسية التى ستواجهها الحكومات. ولكن هذه ستكون احدى المشاكل فقط التى سيواجهها الرؤساء.
فى الولايات المتحدة على سبيل المثال هناك اتجاه قوى لتحويل شبكة توزيع الكهرباء إلى الشبكة الذكية. نظرياً يمكن للشبكة الذكية التفاعل مع احتياجات المستخدمين، توفير الطاقة الكهربائية، والتواصل مع الاخرين عبر شبكة الانترنت. وهذا النظام يؤدى إلى توفير الكهرباء والعديد من المشاكل الأخرى. ولكن فى حاله حدوث انهيار للإنترنت فان الشبكة الذكية، ومثلها من المشاريع الأخرى ستتعطل هى الاخرى مما يؤدى إلى فقدان للطاقة الكهربائية والعديد من المشاكل الأخرى.

وبما ان الانترنت قد اصبحت واسعة الانتشار فقد استخدمتها العديد من الدول فى الأعمال الاستخباراتيه، وفى التجسس على بعضها البعض. فقدان الانترنت سيكون ضربة موجعة لأنظمة الأستخبارات، لأن تبادل المعلومات سيكون بطيئ وصعب. وبالتالى ستتخذ كل حكومة مجموعة من الأجراءات للتغلب على هذا الموقف مما يؤدى إلى تصعيد النزاعات بين هذه الدول.

الانترنت اصبحت عاملاً هاما فى معظم برامج التعليم، وبانهيار الانترنت ستصبح هناك فجوة يجب على مصادر أخرى ان تملؤها.

فى الولايات المتحدة، المؤسسات العسكرية ترتبط بشبكات ببعض مراكز الأبحاث فيما يشبه الانترنت، ولكن هذه الشبكات فى الواقع لا ترتبط بالانترنت. فلو استمرت هذه الشبكات بدون تأثير فعلى الأقل سيكون هناك وسيلة للاتصال ونقل البيانات. اما لو شملت الأزمة التخيلية التى افترضانها هذه الشبكات أيضاً فستصبح هناك العديد من الثغرات التى تعرض البلاد لمعظم انواع الأختراقات.


هل حقاً من الممكن أن تنهار الانترنت؟

هنا الخبر السار، فالانهيار الكامل للإنترنت من المستحيل حدوثه. فالانترنت ليست جهاز يمكن تدميره، حتى انها ليست شئ ملموس، أنها مجموعة من الأجهزة التى تدخل وتخرج من الشبكة باستمرار وعلى هذا فالانترنت دائمة التغيير.

من الممكن لبعض أجزاء الانترنت ان تتعطل، وهذا يحدث طوال الوقت. ففى معظم الاحيان تتعطل أجهزة الخوادم ويتطلب هذا اغلاقها لحين اصلاحها، أو تتعطل بعض الكابلات المغذية للإنترنت من تحت سطح البحر، ولكن الانترنت تستمر فى العمل.
فبينما يوجد العمود الفقرى للإنترنت (وهو مجموعة الخوادم الرئيسية، والكابلات التى تربط بينها والتى تحمل الكم الاعظم من البيانات عبر الشبكات المختلفة). فالانترنت ليست مركزية. فلا يوجد كابل يمكن ان تفصله لكى تتعطل الانترنت. ولكى تتعطل الانترنت على مستوى العالم، يجب ان تتوقف البروتوكولات التى تعمل على تبادل البيانات بين الاجهزة عن العمل، او ان يحدث عطل هائل فى البنية التحتيه للإنترنت أو دمار شامل.

وبما ان البروتوكولات لن تتوقف عن العمل تلقائياً، فلابد من حدوث دمار شامل لكى تتوقف الانترنت عن العمل، واذا –لاقدر الله- وحدث هذا الدمار الشامل للكرة الأرضية فستتأثر الحياة نفسها تأثراً شديدا، ولن يصبح وقتها من المهم ان تدخل على الانترنت لكى تتابع أخر الرسائل البريدية التى وصلتك، فلن يصلك شئ.




المصدر:




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق